هويات كثيرة وحيدة واحدة
105 pages
Arabic

Vous pourrez modifier la taille du texte de cet ouvrage

Découvre YouScribe en t'inscrivant gratuitement

Je m'inscris

هويات كثيرة وحيدة واحدة , livre ebook

-

Découvre YouScribe en t'inscrivant gratuitement

Je m'inscris
Obtenez un accès à la bibliothèque pour le consulter en ligne
En savoir plus
105 pages
Arabic

Vous pourrez modifier la taille du texte de cet ouvrage

Obtenez un accès à la bibliothèque pour le consulter en ligne
En savoir plus

Description

ما هي حقيقة المخاوف على تركيبة لبنان السياسية القائمة على التوازنات الطائفية، والتعايش بين أيديولوجيات يصعب التوافق في ما بينها.+++ كيف سقط لبنان في أيدي الميليشيات المتصارعة؟ وكيف تعاطى مع مشكلاته الداخلية، وماذا طرأ من متغيّرات على صيغة الحكم بعد مرحلة الطائف؟ وما هي مدلولات تظاهرة 14 آذار 2005 في سياق التجاذبات السياسية المحلية والتموضع الإقليمي والدولي؟+++ يطرح هذا الكتاب بجرأة وموضوعية أسباب المعضلة اللبنانية والعجز عن استنباط الحلول لها. ويعرض الخيارات الممكنة للخروج من دولة الطوائف إلى الدولة الحديثة المرتكزة على المؤسسات والمواطنية وحق الاختلاف.

Sujets

Informations

Publié par
Date de parution 01 janvier 2007
Nombre de lectures 0
EAN13 9786144253304
Langue Arabic

Informations légales : prix de location à la page 0,0400€. Cette information est donnée uniquement à titre indicatif conformément à la législation en vigueur.

Extrait

هذا الكتاب مُجازٌ لمتعتك الشخصية فقط. لا يمكن إعادة بيعه أو إعطاؤه لأشخاصٍ آخرين. إذا كنت مهتمّاً بمشاركة هذا الكتاب مع شخصٍ آخر، فالرجاء شراء نسخة إضافيّة لكل شخص. وإذا كنتَ تقرأ هذا الكتاب ولم تشتره، أو إذا لم يُشترَ لاستخدامك الشخصي، فالرجاء شراء نسختك الخاصّة. شكراً لك لاحترامك عمل المؤلّف الشاق.
© حسام عيتاني، 2007، 2011
جميع الحقوق محفوظة
الطبعة الورقية الأولى، 2007
الطبعة الإلكترونية، 2011
ISBN-978-614-425-330-4
دار الساقي
بناية النور، شارع العويني، فردان، بيروت. ص.ب.: 5342/113. الرمز البريدي: 6114 - 2033
هاتف: 866442 1 961، فاكس: 866443 1 961
e-mail: info@daralsaqi.com
يمكنكم شراء كتبنا عبر موقعنا الإلكتروني
www.daralsaqi.com



مدخل
أقنعت الحاجّة سهيلة أمّي أن توليها تعليمنا أصول الدين لأنه لا يجوز، بحسبها، أن يتربّى الأولاد بين المسيحيين في حين أن الأب غير مبال والأم منهمكة برعاية البيت والاهتمام بالوليد الجديد. والحاجّة سهيلة امرأة عجوز تزوجها جدي الحاج حسن العيتاني لتخدمه في آخر أيامه بعد وفاة جدتي سعدية الداعوق التي لم نرها. فأدخلها جدي المؤذن السابق في جامع الحمراء والفران بين الفينة والأخرى والمتبطّل في أكثر الأحيان، إلى دوامة نزاعات مع عماتي وأزواجهن سببها مسائل الارث وتقسيمه والاستفادة من مردود إيجارات هزيل.
والحاجة سهيلة التي اعتدنا أن نطلق عليها لقب «تيتا الحاجّة»، لأن أبي، محمد، وأمي، وفيقة قدماها لنا في أعوام طفولتنا الأولى على أنها جدتنا، فاستخدمنا اللقب الذي ميزناها به عن والدة أمي أي «تيتا أم محمود»، امرأة قصيرة القامة ظلت عانساً إلى أن دلّ أحد أولاد الحلال جدي، بعد وفاة زوجته سعدية، إلى منزل أهلها في زقاق من متفرعات الطريق الجديدة، فتزوجها أبو محمد، أي جدي، وجاء بها إلى محلة عائشة بكار حيث كان يشغل الطبقة الأرضية من مبنى مؤلف من ثمان طبقات قايض به أرضه في زقاق الحمراء مطلع الخمسينيات من القرن الماضي. والطرف الآخر في المقايضة محامٍ ماروني من الكحالة فاز في دورات نيابية عدة. وما زالت المقايضة هذه مضرب مثل في محلتنا حتى اليوم، على السذاجة التي يقع بها أُمّي يأخذه منظر بناية مرتفعة تخفي ما تخفي من المشكلات القانونية والعقارية، فيتخلى في مقابلها عن عقارات كان قد بدأ سعر ترابها يصبح بسعر الذهب مع بداية انتقال المركز التجاري والترفيهي للعاصمة من وسط المدينة إلى شارع الحمراء. وفي مقابل جدي الذي أصبح مضرب المثل في السذاجة، يقال أن المحامي قد استثمر مردود أرضه الجديدة في تكريس نفسه رجلاً سياسياً، لم تأتِ كتب التاريخ على ذكره إلا كنائب قليل الحظ من الأهمية.
أما الحاجّة سهيلة، فقد كانت في عمر لم يعد فيه من السهل اكتشاف مواطن الجمال كما أنني عندما كنت أراها قبل أن تغادر هذا العالم، لم أكن في عمر يخوّلني إصدار أحكام في علم الجمال الأثري. فصبي في الرابعة أو الخامسة من العمر يصعب عليه التكهن ما إذا كانت هذه المرأة التي جاوزت الستين تمتلك بقية من جمال. إلا أن ما أذكره جيداً هو وجهها الشديد البياض وعيناها الزرقاوان وسبابتها ذات الثنيات الكثيرة، تحركها على صفحات المصحف، وهي تقرأ لنا القرآن، أو تتلو بعض الآيات عن روح جدي. وكان هناك شيء لافت في رائحتها التي ما زلت أذكرها كلما دخلت إلى مسجد أو اشتممت قطعة من الصابون البلدي. رائحة تنم عن نظافة من دون افتعال أو تصنّع، وإذا حاولتُ أن أستعيد تفاصيلها أرى نفسي تحت أغطية دافئة في ليلة شتاء عاصفة وصوت الحاجّة سهيلة يرتل: «قل هو الله أحد».
ومفهوم أن تكون امرأة كهذه قليلة الخروج من المنزل، وهو السبب الذي رجحت أمي أن يكون قد أعطاها ذلك البياض. لكنها في روحاتها وغدواتها كانت تلتزم ارتداء زي انقرض من بيروت، وهو عبارة عن غطاء على الوجه يسمى «الفيشة» وتنورة طويلة حتى الكاحلين تضبطها عند الخصر بخيط مطاط، وسترة توضع على الكتفين تدعى «الملاية» في حين يدخل الكمّان اليدين كل على حدة. واللون الوحيد للملابس هذه هو الأسود. وإذا عرّجت الحاجة علينا قبل أن تهبط إلى بيتها لتخبر أمي وأبي ما تعانيه مع عماتي بعد وفاة جدي، ترفع الغطاء عن وجهها فيتخذ شكلاً قريباً من أغطية الرأس التي تظهر على التماثيل وفي الرسوم الفرعونية، وفي أعوام طفولتنا، أي في أوائل السبعينيات، وُجدت في حيّنا امرأة أخرى واحدة فقط ترتدي ما كانت ترتديه الحاجة سهيلة وكانت إحداهما على معرفة وثيقة بالأخرى، وتتبادلان الزيارات، فأطلقنا على المرأة الثانية لقب «رفيقة الحاجة» بعدما استعصى علينا حفظ اسمها، كما كنا نستطيع أن نتعرف إليها بسهولة أثناء سيرها في الشارع برغم أنها تشبه الحاجة سهيلة في الطول والشكل المخروطي (المحير) للجسم، وبرغم أنهما تضعان كمية من السواتر القماشية بما يحول دون أن تخترقها نظرة الغواية، إنْ وجدت، من جانبي الساتر، وذلك تمسكاً بمقاييس زمن كان فيه للنظرة بين رجل وامرأة دلالة وخطر.
لم تتأخّر الحاجة سهيلة علينا بدروس الدين بعد حديثها مع أمي، فكانت تصعد إلى منزلنا في الطبقة السادسة (في مبنى لم يعترف مهندسه بأهمية المصعد الكهربائي)، حاملة معها مصحفها في بيته القماشي، بعدما أبدت عدم رضاها عن مصحف والدي المملوء بالملاحظات التي كان يدونها على الهوامش بقلم الحبر الجاف مضمّنها آراءه في السور القرآنية وملاحظاته عليها، من دون مراعاة منه لما قد تعتبره الحاجة قلة احترام لكتاب ا؟. المهم أن الحاجة سهيلة، وككل معلم للقرآن يعرف أولويات عمله، قررت أن تبدأ معنا من البداية، من سورة الفاتحة. فكانت تُجلس إلى يمينها أخي الأكبر حسن وإلى يسارها أختي ريما وتبدأ بعد البسملة: الحمد الله ربّ العالمين... فيعيدها الطفلان بعدها وأتدحرج أنا محاولاً تقليد شقيقيّ، قرب قدميها أو قدمَي أمي التي تراقب وهي تحوك الصوف، عملاً كان في اعتقادها أن والدي قد أهمله، على عادته في إهمال الأمور الجسيمة. كانت التلاوة التي سعت الحاجة إلى تفسير معانيها لنا بما أوتيت من معرفة، تفتح علينا أبواباً من المطالب والتحذيرات والنصائح التي افترضت أمي والحاجة سهيلة أنها ستسدّ فراغاً تركه أبي، بإهماله المعهود، لتتسلل منه بحسبهما أخطار لم يراعها.
واكتشفت، ربّما بعد الدرس الأول أو الثاني للحاجة في منزلنا، أن أبي ليس في منأى عن أمور الدين، وهو مكبّ على ترجمة كتاب يعلم الصلاة من العربية إلى الفرنسية لحساب دار نشر بيروتية. كما سأكتشف لاحقاً أنه مؤلف كتابين قدّم في أولهما تفسيرات ماركسية للنص القرآني، وبحث في الثاني الدعوات إلى الكفاح المسلح في الإسلام، وأن الهوامش التي دوَّنها على المصحف لدواعي البحث، أثارت استياء الحاجة. وعندما لم أستطع أن أعرف موقف والدي بالضبط من الدين، أهو ضد آراء الحاجة سهيلة وأمّي أم معها، قررت ترك الأمر لصعوبة المسألة متقبلاً ما يقال من الجانبين من دون نقاش أو أسئلة تزيد الغموض غموضاً، في «لا إدرية» عفوية تليق بمن يعجز عن استيعاب ما لا قبل له به.
خلاصة القول في «الخلاف الأيديولوجي» بين والدي والحاجة سهيلة، أن سياسة أبي لم تكن لتروق الحاجة سهيلة ولا أمي التي وإنْ كانت تعرف، وهي تلميذة مدرسة الراهبات الكرمليات في بيروت سابقاً ـ وهذه حكر على بنات البيوتات الميسورة في ثلاثينيات القرن الماضي وأربعينياته ـ أن لا مفرّ من تسجيل الأبناء في مدرسة إحدى الارساليات الأجنبية أو في مدرسة مسيحية محلية، فذلك يجب ألاّ يعني قلة اكتراث الأهل لإرشاد أبنائهم إلى الدين القويم. وكان الأهل إذا أرادوا أن يحظى الأولاد بشيء من لغة أجنبية ومن علوم، سعوا إلى إلحاقهم بالمدارس المسيحية، نظراً إلى الصورة غير المرضية التي كانت عليها المدارس الإسلامية، وإلى ضيق مدارس الإرسالية العلمانية الفرنسية عن استيعاب كل الراغبين في الانضمام إليها. المدارس الرسمية أو «المعارف»، لم تظهر كخيار قابل للنقاش أصلاً، بسبب ضعف مستواها العلمي الموصوف وهو ما سأعانيه طوال سبعة أعوام أمضيتها في واحدة من تلك المدارس في المرحلتين المتوسطة والثانوية.
وبرغم اعتزاز أمي الكبير بتتلمذها في مدرسة الراهبات الكرمليات حيث كانت تذكرنا بهذه الحقيقة كلما مررنا أمام باب مدرستها السابقة والواقعة في شارع فردان، فهي ليست من النوع المتراخي إزاء محاولات «تضليل» أبنائها. وهي، وإنْ شعرت بالأسى عندما علمت بمحنة المدرسة وانتقالها إلى خارج بيروت بعد نهاية الحرب الأهلية وبعدما دخلت أمي أعوام الشيخوخة، وتحول مباني المدرسة إلى مقر لهيئات المساعدات والخدمات الإجتماعية التابعة لرئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري وأسفها لاختفاء الراهبات من مشهد شارع فردان القريب إلى بيتنا، لم تتراجع البتة عن اعتبارها تعيين «مُدرِّسة خصوصية» لتلقيننا أصول ديننا، عملاً ضرورياً في ذلك الوقت.
فقد كان على الآباء والأمهات المسلمين والمتمسكين بأهداب الدين أن يجدوا طريقة ما لضمان بقاء فلذات الأكباد في حياض الإسلام. والحاجّة سهيلة نموذج انتشر في البيوت البيروتية بكثرة، بغية سد الفراغ القائم بين تعليم أساسيات الدين ونقلها إلى الأطفال الذين استطاع أهلهم إرسالهم إلى المدارس المسيحية غير المعنية، بطبيعة الحال، بنشر التعاليم الاسلامية، وبين العلوم التطبيقية واللغات الأجنبية.
المدرسة التي كنت أقصدها أنا وأخوتي، تتبع الطائفة الأرثوذكسية، وكانت ملتزمة تماماً جميع الطقوس وتوجيه التلامذة إلى الكنيسة منذ أعوامهم الأولى فيها. فتقطر معلماتنا أطفال صفوف الروضات إلى الكنيسة مرة في الأسبوع ويتولين إجلاسهم في المقاعد الخلفية لحضور قداس أو عظة أو مناسبة دينية ما، يصادف الاحتفال بها في ساعات الدراسة. وتعبق الكنيسة دائماً برائحة البخور وتستقبل نسوة يصلن إليها أحياناً حافيات وفاءً لنذور قطعنها. وقد بدت الكنيسة لي أنا الطفل في أعوامه الأربعة أو الخمسة، هائلة الأبعاد إلى أن لاحظت عندما مررت بالقرب منها قبل أعوام قليلة، أنها شديدة التواضع.
وأكثر ما دعانا إلى العجب هو قيام الخوري برشّ الماء علينا من «ضمّة البقدونس» كما كانت تسميها أمّي. فنثر الماء المقدس على الأطفال في كنيسة أرثوذكسية كان يثير سخرية أمّي التي توضح لنا، أثناء جلسات بعد الظهيرة المخصصة لإبلاغها بما صادفناه أثناء النهار، أن المسيحيين يعبدون الأصنام. «فالصور» في الكنيسة ليست إلاّ أصناماً يجب علينا ألاّ نقبّلها كما يفعل أترابنا المسيحيون. لكنني لم أكن أجد في نفسي الشجاعة الكافية لرفض تقبيل «الصورة» عندما يقدمها الخوري نحوي أو الامتناع عن تناول القربان الذي نقف في الصف أمام رجل الدين ذي اللحية المشذبة والوجه العبوس والذي تأمرنا عيناه بالصمت عندما يبدأ التلامذة بالضحك إذا أصابهم رذاذ الماء المقدس. وللمناسبة، لم تر أمي مانعاً من تناول القربان الذي لا يزيد على كونه «بريوش» أي قطعة من المعجنات يرش السكر على وجهها وتؤكل كحلوى. ولا أعرف بدقة ما هو المعيار الذي قررت أمي بناءً عليه، جواز تناول القربان وعدم جواز تقبيل الأيقونة، علماً أن المناولة أخطر بكثير في ترتيب الممارسة الدينية المسيحية من إبداء الاحترام للأيقونات. مهما يكن، كنت أشعر أن زيارة الكنيسة نوع من الترفيه والخروج من الصف للنزهة بين مباني المدرسة والنزول على سلم الكنيسة الكبير غربي شجرة الجميّز العملاقة التي تتوسط ملعب المدرسة، والتي اتخذتها إدارتنا رمزاً ودليل عراقة ورسوخ في هذه الأرض، لا يقبلان تشكيكاً أو نقاشاً.
الكنيسة التي فوجئت عند زيارتي الأخيرة إليها، بصغر حجمها، كانت مكاناً معتماً إجمالاً، وهذا ما يضفي على «العاملين» فيها قدراً من المهابة، خصوصاً الأرشيمندريت تريفون الذي يتولى عادة ترؤس القداديس المهمة، إضافة إلى إشرافه على إدارة المدرسة، في حين يُترك للخوري إيليا ترؤس المراسم في مناسبات أخرى. والخوري إيليا كان من الشخصيات «العادية» ف

  • Univers Univers
  • Ebooks Ebooks
  • Livres audio Livres audio
  • Presse Presse
  • Podcasts Podcasts
  • BD BD
  • Documents Documents