هدية الكروان
64 pages
Arabic

Vous pourrez modifier la taille du texte de cet ouvrage

Découvre YouScribe en t'inscrivant gratuitement

Je m'inscris

هدية الكروان , livre ebook

Découvre YouScribe en t'inscrivant gratuitement

Je m'inscris
Obtenez un accès à la bibliothèque pour le consulter en ligne
En savoir plus
64 pages
Arabic

Vous pourrez modifier la taille du texte de cet ouvrage

Obtenez un accès à la bibliothèque pour le consulter en ligne
En savoir plus

Description

لعلَّ الكروانَ هديَّةُ مصرَ للشاعر، أو لعلَّه الديوانُ هو هديَّةُ الشاعر للكروان، لكنَّ ما لا شكَّ فيه أنَّ الناهلين من عذوبة تلك القصائد المزقزقة هم أصحاب الحظِّ الأوفر والمغنم الأكبر. وقد ألهم الكروان في تغريده الشَّجيِّ الشاعرَ موسيقى ربيعيَّة منطلقة، ولغة مشتركة تجمع بين عالمَي الطيور والشعراء، فأتت كروانيَّات «العقَّاد» نضرة جديدة المعاني متجدِّدتها، وضمَّن ديوانه كذلك قصائد في الغزل الرقيق، منها: قبل بغير تقبيل، يوم يبحث عن ذكراه، شكوك العاشق، الخرافة الصادقة، الحياء في الحب، كما ذهب في تأمُّلاته إلى استكشافات شاعريَّة لسرِّ الوجود، وسرِّ السعادة التي ما إن أدرك محدوديَّتها واستعصاءها حتى انتقل إلى هجاء الدَّهر ومعاونه الموت الذي غيَّب الرفاق، حتى لم يعُد من عزاءٍ سوى صوت الكروان ربما، وهديَّته.

Informations

Publié par
Date de parution 15 décembre 2019
Nombre de lectures 0
EAN13 978977149767X
Langue Arabic
Poids de l'ouvrage 2 Mo

Informations légales : prix de location à la page 0,0246€. Cette information est donnée uniquement à titre indicatif conformément à la législation en vigueur.

Extrait

هدية الكروان

تأليف
عباس محمود العقاد


جمع وتحرير: رأفت علام

مكتبة المشرق الإلكترونية

تم جمع وتحرير وبناء هذه النسخة الإلكترونية من المصنف عن طريق مكتبة المشرق الإلكترونية ويحظر استخدامها أو استخدام أجزاء منها بدون إذن كتابي من الناشر.

صدر في أكتوبر 2019 عن مكتبة المشرق الإلكترونية – مصر
مقدمة في اسم الديوان
كان الربيع وتلاه الصيف، وكانت لياليهما السواحر الحسان، وكان هتاف الكروان الذي لا ينقطع من الربيع إلى الخريف، ولا يزال يتردد حتى يُسكته الشتاء. وأكثر ما يسمعه السامع في حوافي مصر الجديدة حيث أَسْكنُ وحيث يَكثُر هذا الطائر الغريب؛ لأنه يألف أطراف الصحاري على مقربة من الزرع والماء، كأنه صاحب صومعة من تلك الصومعات التي كان يسكنها الزهَّاد بين الصحراء والنيل؛ فله من مصر الجديدة مرتاد محبوب.
ولي بالكروان ألفة من قديم الأيام، نظمت فيه القصيدة النونية التي أقول في مطلعها:

هل يسمعون سوى صدى الكروان
صوتًا يرفرف في الهزيع الثاني
وأودعتها الجزء الأول من الديوان.
ثم أعادني طائف من طوائف النفس إلى النظم فيه، فاجتمعتْ عندي قصائدُ عدةٌ في مناجاته. وكأنني كنت أعارضه وأساجله بكثير من القصائد الأخرى التي اشتملت عليها هذه المجموعة، فصحَّ على هذا المعنى أن يُسمى الديوان كله «هدية الكروان».
ولوصف الكروان وشرح طباعه ومشاربه مقام آخر غير هذا المقام؛ فأمَّا غناؤه فقد تقال فيه كلمة هنا؛ لأننا نتكلم عمَّا فيه من شعر يوحي الشعرَ، فليس أصلح لهذا الكلام من صدر ديوان.
تسمعه الفينة بعد الفينة في جنح الليل الساكن النائم البعيد القرار، فيشبِّه لك الزاهدَ المتهجِّدَ الذي يرفع صوته بالتسبيح والابتهال فترةً بعد فترةٍ، ويشبِّه لك الحارسَ الساهرَ الذي يتعهَّد الليل بالرعاية بين لحظة ولحظة، وينطلق بالغناء في مفاجأة منتظرة أو انتظارٍ مفاجئ، فلا تدري، أهي صيحة جذل أم هي صيحة روعة وإجفال؟ ولكنك تشعر بالجذل والروعة والإجفال تتقارب، وتتمازج في نفسك حتى لا تتفرق، كأنك تُصغي إلى طفل يرتاع وهو جذلان، ويجذل وهو مرتاع! ويطلب الخطر ويشتهيه؛ لأن للخطر في حسِّه طرافةً وحركةً، فهو من عالم التفاؤل والإقبال لا من عالم التشاؤم والنكوص.
ويطلع عليك بهتافه من هنا ومن هناك، وعن اليمين وعن الشمال، وعلى الأرض وفوق الذرى، فيُخيَّل إليك أنك تستمع إلى روح هائم لا يقيده المكانَ ولا يعرف المسافةَ، أطلقوه في الدنيا على حين غرة، فسحرته فتنة الدنيا وخلبته محاسن الليل، فهو لا يعرف القرار ولا يصبر في مطار. فأنت تتلقَّى من صوت هذا الطائر الأليف النافر عالمًا من معانٍ وأشجان يتجاوب فيه تقديس المصلي القانت، وحدب الحارس الأمين، وروح الطفولة، ومناجاة الخطر المقبول، وهيام الروح المنهوم بالحياة والجمال؛ عالم لا نظير له فيما نسمع من غناء الطير بهذه الديار.
ومن العجيب أنك لا تقرأ صدًى للكروان فيما ينظم الشعراء المصريُّون، على كثرة ما يُسمع الكروان في أجوائنا المصرية من شمال وجنوب!
وأعجب منه أنك لا تقرأ فيما ينظمون إلا مناجاة البلابل وأشباهها على قلة ما تُسمع في هذه الأجواء!
فكأنَّما العامَّة عندنا أصدق شعورًا من الشعراء؛ لأنهم يُلقِّبون المُغَنِّي بالكروان ولا يلقبونه بالبلبل، فيصدرون عن شعور صادق ويتحدثون بما يعرفون.
وليس عن تعصب منَّا للوطن نؤثر الكروان على البلبل وما إليه؛ لأنَّ التعصب الوطنيَّ على هذه الصورة حماقةٌ لا معنى لها في الشعر والشعور، ولكننا نؤثره لأن الإعجاب به صحيح يصدر من الطبع الصادق. أمَّا الإعجاب بالطير الذي لا نسمعه، فذاك محاكاة منقولة تصدر من الورق البالي وتؤذي النفس كما يؤذيها كلُّ تصنُّعٍ لا حقيقةَ فيه، وأخفُّ موقعٍ له في نفوسنا أن يضحكها ويغريها بالسخرية، كذلك الأصمِّ الذي أراد أن يخفي صممَه في مجلس الغناء، فأوصى صاحبه أن يغمزه كلما وجب الصياح والاستحسان، فلما نام وراحوا يوقظونه آخر الليل قام يصيح ويستحسن ولا سماع هناك ولا سامعين!
وإذا لم يشعر الشاعر بتغريد الطير على اختلافه، فبماذا عساه يشعر؟! إن الطير المغرد هو الشعر كله؛ لأنه هو الطلاقة والربيع والطرب والعلو والتعبير والموسيقية. فمن لم يأنس به لم يأنس بما في هذه الدنيا من طبيعة شاعرة، ولم يختلج له ضمير بما في الحياة من فرح وجيشان وتعبير.
والطير بعدُ هو حجة الطبيعة لشِعر الإنسان وغناء الإنسان، فهو عند الشاعر وثيقةٌ لا يُعرض عنها ولا يُفلتها من يديه، فإذا قال الجفاة الجامدون: إن الشعر لغوٌ في الحياة، قال الشاعر: إن التعبير الموسيقيَّ عنصر من عناصر الطبيعة، وإنَّ الطير يغني ويهتف، وإن الطير يفرغ للغناء وحده إذا شبع وأمن، كأنَّ الغناء والتعبير عن الشعور هما غاية الحياة القصوى، لا ينساها الحيُّ إلا لعائق يشغله ويغضُّ من حياته.
والجفاة الجامدون يقولون كثيرًا عن الشعر في الزمن الأخير، يقولونه على الرغم من هذا الشعر الذي تفيض به الطبائع الحية، ولا سيما الأحياء المغرِّدة الطائرة، ويقولونه على الرغم من ملازمة الشعر لكلِّ أمَّة ولكلِّ قبيلة ولكلِّ لغة، فلو كان شيئًا عارضًا في الحياة الإنسانية لما وُجد حيث توجد الحياة الإنسانية، ولو كانت الموسيقية نافلةً في الدنيا لما وُجدت في أمَّة الطير، وإذا وُجدت في لسان الطائر فلماذا تحرم على لسان الإنسان؟ ولماذا يكون الكلام الإنسانيُّ وحده بمعزل عن الأوزان والأشجان؟
فبين الطائر المغرِّد والشاعر الشادي محالفةٌ طبيعيةٌ لا تحنث فيها الطير، ولا تُقصِّر في إسداء حصتها الخالدة، والشعر مهما أسلف من ثناء على الطير وتمجيد للتغريد لن يوفي كلَّ دَيْنه، ولن يستنفد كلَّ حصته، فلتكن «هدية الكروان» بعض الهدايا التي يتَّصل بها السبب بين عالم الطير وعالم الشعراء.
عباس محمود العقاد
الكروانيات

هتفات الكِرْوان  ١ بالليل تترى
ومعاني الربيع نورًا وعطرا

وجمال الحياة حبًّا وحسنًا
وشبابًا يفيض عطفًا وبِشرا

بتُّ أُصغي لها، وأقبس منها
ثم ترجمتُها لمن شاء شعرا

الكروان المجدد
قبل عشرين سنةً نَظَم صاحب الديوان قصيدة «الكروان»، وفيها هذه الأبيات:

هل يسمعون سوى صدى الكروانِ
صوتًا يرفرف في الهزيع الثاني؟

من كلِّ سارٍ في الظلام كأنَّه
بعضُ الظلام، تُضلُّه العينانِ

يدعو إذا ما الليل أطبق فوقه
موجُ الدياجر، دعوةَ الغرقان

ما ضرَّ مَن غنَّى بمثل غنائه
أنْ ليس يبطش بِطشة العِقبان

إنَّ المزايا في الحياة كثيرة
الخوف فيها والسَّطا سيان
•••

يا مُحييَ الليل البهيم تهجُّدًا
والطير آوية إلى الأوكان

يحدو الكواكب وهو أخفى موضعًا
من نابغ في غمرة النسيان

قلْ يا شبيهَ النابغين إذا دُعوا
والجهل يضرب حولهم بجران

كم صيحة لك في الظلام كأنها
دقات صدر للدُّجُنَّة حانِ

هُنَّ اللغات ولا لغات سوى التي
رُفعت بهن عقيرة الوجدان

إنْ لم تقيِّدْها الحروفُ فإنَّها
كالوحي ناطقةٌ بكلِّ لسان

أغنى الكلام عن المقاطع واللُّغى
بث الحزين وفرحة الجذلان
وفي هذا العام نَظَم صاحب الديوان القصيدة التالية؛ ليقول فيها: إنَّ ما سمعه من الكروان أولًا غير ما سمعه آخرًا، وإنَّ الكروان يجدد معانيه لسامعيه فترة بعد فترة على خلاف ما يسبق إلى الظن بلغة الطير.
وهذه هي القصيدة:

زعموك غير مجدَّد الألحان
ظلموك، بل جهلوك، يا كرواني

قد غيَّرتك، وما تُغيِّر شاعرًا
عشرون عامًا في طراز بيان

أسمعتني بالأمس ما لا عهد لي
بسماعه في غابر الألحان

ورويت لي بالأمس ما لم تروِهِ
من نغمة وفصاحة ومعان
•••

شكواي منك، وإن شكرتك، إنه
سرٌّ تصرُّ به على الكتمان

شكري إليك، وإن شكوتك، إنه
سرٌّ تؤخِّره لخير أوان

كنز يصان فهاتِ من حباته
ذخر القلوب وحلية الآذان
•••

أنا لا أراك؟! وطالما طرق النُّهى
وحيٌ، ولم تظفر به عينان

أنا في جناحك حيث غاب مع الدجى
وإن استقر على الثرى جثماني

أنا في لسانك حيث أطلقه الهوى
مرحًا، وإن غلب السرور لساني

أنا في ضميرك حيث باح فما أرى
سرًّا يغيِّبه ضمير زماني

أنا منك في القلب الصغير، مساجلٌ
خفق الربيع بذلك الخفقان

أنا منك في العين التي تَهَبُ الكرى
وتَضنُّ بالصحوات والأشجان

طِرْ في الظلام بمهجة لو صافحتْ
حجر الوهاد لهمَّ بالطيران

تغنيك عن ريش الجناح وعزمه
فرحات منطلق الهوى نشوان

فرحات دنيا لا يُكدِّر صفوَها
بالمَيْنِ غيرُ سرائر الإنسان
•••

علَّمتني بالأمس سرَّك كلَّه؛
سرَّ السعادة في الوجود الفاني

سرُّ السعادة نفرة ومحبة
فيكم تُؤلَّف نافر الأوزان

الكون أنتم في صميم نظامه
وكأنكم فيه الطريد الجاني

أنتم سواءٌ كالصديق وبينكم
بعدٌ كما يتباعد الخَصمان

لا يحمل الطيار وزر العاني
حمل ابن آدم عثرة الإخوان

لا عالمٌ منكم ولا متعلمٌ
كلا! ولا متقدِّمٌ أو وانِ

متشابهين على الحياة فكلكم
ساري ظلامٍ، هاتف بأغانِ

متفرقين على المُقام ودأبكم
عند الرحيل تجمع القطان

وكأنَّما نُسخت لكلٍّ نسخةٌ
من هذه الأجواء والأوطان

فهو الشريك على نصيب واحدٍ
وهو الوحيد فما له من ثانِ

ذخر الطبيعة منه تُعْطَوْنَ الحِجى
لا من سباق بينكم ورهان
•••

أنتم بني الطير المسبِّح في الدجى
فيكم كهانة صالح الكهَّان

بعتم كرى الغافي وطيب رقاده
وبه اشتريتم يقظة اليقظان

قل ما اشتهيت القول يا كرواني
في لهو ثرثار وحلم رزان

سأعيش مثلك لي وللدنيا معًا
وأقول مثلك: كيف يزدوجان؟

وأظلُّ تزدحم الحياة بمهجتي
أبدًا ويجتنب الزحام مكاني

في عزلة أنا والحبيب تؤمُّنا
دنيا الجمال، ونحن منفردان

الليل يا كروان

الليلَ يا كروان
بشراك طاب الأوان

بشراك؟ بل أنت بشرى
تهفو لها الآذان

سهران في الليل شاد
فكلُّنا سهران

وإن تكن أنت حلمًا
فكلنا وسنان

وسنان لم يسهُ قلبٌ
له ولا أجفان

النوم في الصيف وزرٌ
وفي الهوى كفران
•••

الليلَ يا كروان
ما أنت والنسيان

حاشاك ما أنت ساهٍ
عنه، ولا كسلان

الليل ذكرى وأنت الـ
ـمذكِّر اليقظان

لكنما أنت روحٌ
وهل لروحٍ مكان؟

بينا يقال قريب
كأنه الوجدان

إذا به في صداه
كأنه كيوان  ٢

إن كان في السمع طيف
فأنت يا كروان

صوت ولا جثمان
لحن ولا عيدان

كأنه هاتف في
فضائه حيران

أو رجع صوت قديم
يعيده الحسبان
•••

الليلَ يا كروان
فأين منك البيان؟

ليل الطبيعة صمتٌ
وأنت فيه لسان

وظلمة الليل سرٌّ
فاقرأه يا ترجمان

ما في الظلام ظلام الحـ
ـياة لو يُستبان

إلا صياح اشتياق
تروضه ألحان

نصف الحياة اضطراب
ونصفها أوزان  ٣
•••

الليل والصيف والحب
كلهن أوان

وأنت منهن طرًّا
على وعودٍ تصان

خذ صمتهنَّ وصغه
شدوًا له سريان

غُصْ في قرار الدياجي
فللدجى شطآن

واستقبل النجم علوًا
إن النجوم حسان

وخذ من الصيف نارًا
لا يعتليها دخان

وارقص مع الحب دورًا
دارت له الأكوان

في الأرض بيتك ثاوٍ
وفي السماء افتنان

وبين ذلك ملهًى
للحب، بل ميدان

واللهو في الحب، فاعلم
كالحرب يا ك

  • Univers Univers
  • Ebooks Ebooks
  • Livres audio Livres audio
  • Presse Presse
  • Podcasts Podcasts
  • BD BD
  • Documents Documents