جدار بين ظلمتين
103 pages
Arabic

Vous pourrez modifier la taille du texte de cet ouvrage

Découvre YouScribe en t'inscrivant gratuitement

Je m'inscris

Découvre YouScribe en t'inscrivant gratuitement

Je m'inscris
Obtenez un accès à la bibliothèque pour le consulter en ligne
En savoir plus
103 pages
Arabic

Vous pourrez modifier la taille du texte de cet ouvrage

Obtenez un accès à la bibliothèque pour le consulter en ligne
En savoir plus

Description

تعرّضنا، نحن وعائلتنا وأصدقاؤنا لمحنة دامت عشرين شهراً، كانت تجربة قاسية ومحنة لا يمكن للذاكرة أن تتغاضى عنها وتنكرها.+++ وبعد أكثر من خمس عشرة سنة، قررنا أن ندوّن تلك الأحداث لكي لا تضيع في متاهات النسيان والزمن.+++ في أحداث تلك المحنة كان يفصلنا جدار غير قابل للاختراق، جعل كلاً منا في ظلمة بمعزل عن الآخر. لذا قرّرنا أن يكتب كل منّا من موقعه من ذلك الجدار الذي فصلنا.+++ لم نقدم على تحريك كلمة "الظلمة" التي جاءت في عنوان الكتاب، فيمكن أن تُقرأ بدلالة معنيين: الظََّلم: الليل الشديد الظلام، وظَلِمَ: أظلم الليل واسودّ، الظُّلْمة: ذهاب النور، بينما دلالة الظُّلم: ظَلَم، هي عدم الإنصاف، وانتقاص الحق، والجور.+++ فالظُّلمة دلالة على سلطوية النظام وانتقاص حق الفرد، ما يجعل حياة أفراد المجتمع ظلمة، شديدة العتمة والبؤس، لذا يتداخل المعنيان في تكملة متمّمة فدلالتها هي ظلمة السلطة وعتمة الحياة.

Sujets

Informations

Publié par
Date de parution 01 janvier 2003
Nombre de lectures 1
EAN13 9786144253618
Langue Arabic

Informations légales : prix de location à la page 0,0450€. Cette information est donnée uniquement à titre indicatif conformément à la législation en vigueur.

Extrait

هذا الكتاب مُجازٌ لمتعتك الشخصية فقط. لا يمكن إعادة بيعه أو إعطاؤه لأشخاصٍ آخرين. إذا كنت مهتمّاً بمشاركة هذا الكتاب مع شخصٍ آخر، فالرجاء شراء نسخة إضافيّة لكل شخص. وإذا كنتَ تقرأ هذا الكتاب ولم تشتره، أو إذا لم يُشترَ لاستخدامك الشخصي، فالرجاء شراء نسختك الخاصّة. شكراً لك لاحترامك عمل المؤلّف الشاق.
© بلقيس شـرارة، ورفعة الجـادرجي، 20، 2012
جميع الحقوق محفوظة
الطبعة الورقية الأولى، 2000
الطبعة الإلكترونية، 2012
ISBN-978-614-425-361-8
دار الساقي
بناية النور، شارع العويني، فردان، بيروت. ص.ب.: 5342/113. الرمز البريدي: 6114 - 2033
هاتف: 866442 1 961، فاكس: 866443 1 961
e-mail: info@daralsaqi.com
يمكنكم شراء كتبنا عبر موقعنا الإلكتروني
www.daralsaqi.com



هذا الكتاب

هذا الكتاب سيرة ذاتية واقعية لمرحلة زمنية لا تتجاوز أكثر من عشرين شهراً، وسرد للأحداث التي عانى فيها كل منا - أنا ورفعة - من وطأة الاعتقال والحكم المؤبَّد الذي صدر بحقه. وهو تسجيل لما عانيته من الحالة النفسية كزوجة معتقل وسجين في العراق، ووصف لما عاناه رفعة كمعتقل وسجين.
يحتوي الكتاب على أربعة فصول، ويتألف كل فصل من جزء كُتب من قِبَل رفعة، وجزء آخر كُتب من قِبَلي، وهكذا كُتبت الفصول متتالية على هذه الوتيرة.
عسى أن يكون هذا الكتاب وثيقة أخرى من الوثائق التي تصف معاناة الناس في العراق.
بلقيس شرارة
شباط 2001



تمهيد

تعرضنا ـ بلقيس وأنا ـ وعائلتنا وأصدقاؤنا لمحنة دامت عشرين شهراً. كنا نادراً ما نتحدث عنها بعد أن خرجت منها ومرت الأيام، بالرغم من أنها كانت تجربة قاسية ومحنة لا يمكن للذاكرة أن تتغاضى عنها وتنكرها.
دوَّنت بلقيس في بداية الثمانينيات من القرن العشرين ملاحظات حول أحداث تلك الحقبة التي مرت في حياتنا نحن الاثنين. وبعد أكثر من خمس عشرة سنة، قررنا أن ندوِّن تلك الأحداث لكي لا تضيع في متاهات النسيان والزمن.
في ربيع العام 2001، اتفقنا، قبل الشروع في الكتابة، على صيغة الكتاب ودور كل منا فيه. واتفقنا كذلك على عنوان المذكرات، أي عنوان الكتاب، وفصوله وأجزائه ومضامينه.
في أحداث تلك المحنة كان يفصلنا جدار غير قابل للاختراق، جعل كلاً منا في ظلمة بمعزل عن الآخر. لذا، قررنا أن يكتب كل منا من موقعه من ذلك الجدار الذي فصلنا. فكتبت بلقيس ما كان يجري من أحداث ومشاعر ومحن وإثباطات في ظلمة الجهة الخارجية من الجدار، وكتبتُ أنا بدوري ما كان يجري في ظلمة الجهة الداخلية منه، من غير أن نسعى إلى ربط أحداثهما، إذ لم يكن هناك في واقع الأحداث ما يربطها. كان كل منا يواجه الأحداث بمفرده، ولا يستعين بالآخر، لا لأننا لم نرد تلك الاستعانة، ولكن هذا ما تحتمه ظروف الفرد في العراق عند مواجهة القوى السلطوية، وسلطة مستبدة، لا تمنحه حق التشاور والاستعانة القانونية والإعلامية وتحرمه حتى من العاطفة الإنسانية.
و بسبب واقعية هذا الفصل بين الحالتين من الوجود نسبة إلى موقع كل منا من الجدار، يصبح هذان النصفان مكملين أحدهما للآخر.
كما اتفقنا على أن يكتب كل منا ما يتذكره بمفرده، من غير أن يطّلع على ما يكتبه الآخر، ومن غير الاعتماد على ذاكرة الآخر حتى تكتمل النصوص وتأخذ صياغاتها الأخيرة، أي إلى أن تفرِّغ الذاكرة ما عندها وتدوِّن أحداثاً دامت عشرين شهراً.
باشرت بلقيس قبلي في كتابة مذكراتها. وبعد أن أكملت صيغتها الأولى، قمت بعدها بكتابة ما أتذكره، في خلوة بعيدة عن هموم المعيش الآخر. ولكن، كنا بين حين وآخر، نجلس معاً ونتحدث عن بعض الأحداث، من غير أن يطّلع أحدنا على ما دوَّنه الآخر، أو ما كان في طور كتابته. إن الهدف من هذه الطريقة هو أن يعرض كل منا للقارئ ما جابهه منفرداً، أي أننا لم نسع إلى التعبير عن موقف تأملي لاحق. فالهدف، إذاً، أن نتذكر وقائع الأحداث ونسجلها ونعرضها بنصوص من دون مراعاة للظروف الاجتماعية والسياسية والعائلية القائمة في الوقت الحاضر.
لقد سعى كل منا بمفرده إلى تسجيل وقائع الأحداث وما تعرَّض له بمعزل عن الآخر، وما تعرَّض له أفراد العائلة وأصدقاؤنا، فسجلنا القلق والخوف والإثباط والإرهاب من سلطوية السلطة، تلك المشاعر التي هيمنت علينا وعلى بعض الأصدقاء والمعارف، كما سجلنا العاطفة الإنسانية والدعم المعنوي اللذين أفعمنا بهما البعض من الأقارب والأصدقاء والمعارف.
نحن نكتب هذه المذكرات ليس من موقف ممارس للسياسة، بل نكتبها لأن لنا موقفاً ذاتياً منها، كما أن لنا موقفاً من مختلف الظواهر الاجتماعية الأخرى. ولذا، يتضمن تسجيلنا هذا، ضمناً، موقفاً سياسياً واضحاً، يستنكر أي نوع من السلطوية على إرادة الإنسان، سواءً أكانت من مصدر علماني أو ديني.
لقد أقدمنا على تسجيل هذه الأحداث متمنين أن تؤلف ولو جزءاً ضئيلاً من الخزين المرجعي السياسي بمرور الزمن. ونحن نعتقد أن الفكر السياسي في العراق لن ينمو ويتطور وينضج ما لم يتكون خزين مرجعي صادق ومحلِّل للأحداث. نقول هذا لأن المجتمع العراقي عامة، لم يزل لا يمتلك الخزين المناسب، ليتمكن من تفعيله، والاعتماد عليه، وليتمكن من إحداث النقلة المتطلبة نحو الحداثة، حيث يتمتع المواطن بحقوق الإنسان. فهو مجتمع لم يزل تقليدياً في مرجعياته ومواقفه من الوجود، وأغلبه غارق بغيبيات وأساطير فات زمانها، وأصبحت تؤلِّف معوّقاً فكرياً فعّالاً يمنعه من مواجهة متطلبات الحداثة، وقبولها والتكيُّف معها وتنميتها وإنضاجها وابتكار الجديد منها. هذا ما لم يُقْدم الكثير من المفكرين ويساهموا في تكوين خزين مرجعي سياسي لكي يستطيع الإنسان العراقي الرجوع إليه بهدف الدراسة والتحليل والنقد الموضوعي الجريء، وينبني بالتالي على ذلك خزين مرجعي لفكر سياسي معاصر، مع ممارسة متفاعلة مع هذه المرجعية.
و بدلاً من أن يبقى في معيش مفعم بمتخيّلات الماضي، ويجتر أحداثها بصيغ غالبها مشوَّه، لذا، سوف لن يتمكن من بناء حاضر معاصر، وستبقى مساعي القلة من الأفراد معوَّقة ومثبَطة.
حاولنا أن يتصف تدويننا للأحداث بالأمانة والدقة والموضوعية. فبغير هذه الموضوعية، أو السعي إلى تحقيقها، سيفقد العمل دوره في تأسيس مرجعية فعّالة سياسية وتاريخية للفكر العراقي. وبقدر ما سنتمكن من الموضوعية، نتمنى أن يصبح عملنا هذا سجلاً واقعياً لحالات اجتماعية من الإرهاب والإهانة يتعرض لها جلُّ أفراد المجتمع العراقي، في مختلف عهود تاريخ الدولة العراقية، وإن بدرجات متفاوتة.
قد يرتاح البعض إلى الصيغة الموضوعية لعرضنا للأحداث، كما قد يؤدي الأمر إلى غضب البعض علينا، لكننا بالرغم من ذلك نعتقد أن هذه الصيغة، إن تمكّنا من تحقيقها، قد تؤدي بالنتيجة إلى تكوين الخزين الفكري السياسي الذي نطمح إليه. على أنه ربما سيكون بعض من هذا الخزين قاسياً وغير مقبول بالنسبة إلى بعض الناس في الوقت الحاضر.
نحن لا ندّعي أننا حققنا الموضوعية في هذه المذكرات، وإنما ندّعي أننا سعينا إليها من موقف واعٍ لأهميتها وضرورياتها لتكوين فكر عراقي سياسي. فمن غير هذه الموضوعية، وبقدر ما يخلو النص منها، سيفقد من أهميته كمقوم في الخزين المعرفي السياسي.
نقصد بالسياسة تلك الممارسةَ بين الأفراد حيث تنتظم العلاقات الاجتماعية عن طريق الحوار الشفاف، الإقناع والتقنيع، في مختلف مجالات التعامل، ضمن كيان الدولة، معها وخارجها. وحيث يسخَّر هذا الحوار في اختيار رجال الحكم، وتأسيس المؤسسات المدنية والمنظمات المهنية والتمتع بحرية العقيدة والانتماء والتعبير عنها.
نقول هذا لأننا نعتقد أن المجتمع العراقي لم يمتلك فرصة لممارسة السياسة قبل تأسيس الدولة العراقية، وما حصل عند تأسيسها جاء ناشئاً، وأخمد في مهده. وبقيت هذه الدولة الناشئة، تابعة لهيمنة سلطة رجال الحكم، ومبتلَعة من قبلها، وذلك لأسباب متعددة. وما يهمنا منها هنا اثنان:
أولاً، إن المجتمع العراقي لم يمارس السياسة في السابق ولم يمتلك دولة مبنية على المؤسسات بالمفهوم المعاصر. ولذا، لم يدرك أهمية السياسة بالنسبة إلى تنظيم إدارة معيشه، والحرية التي يمكن أن يتمتع بها ويمارسها، فلم يطالب بها، إلا قلة منه؛
ثانياً، لأن المجتمع العراقي لم يحظَ بقيادة سياسية فكرية، تحاول توعيته بموقف سياسي حرّ شفاف، وتدريبه على ممارسته، إلا ما ندر. فظل مستلَباً منها، تحت إدارة سلطوية، سواءً أكانت دينية أو دنيوية. وهنا تكمن، في اعتقادنا، أهمية تأسيس مرجعية فكرية سياسية معاصرة.
لا شك في أن الإنسان العراقي، مستلَب الإرادة، ومعرَّض للإهانة في مختلف مجالات معيشه، بما في ذلك المدرسة والجامعة والقضاء ومختلف دوائر الدولة، وكذلك في المصارف والأسواق، في الممارسات الحزبية، وفي المستشفيات ودوائر الرعاية. وحتى إن أراد السفر أو الهجرة، فهو مهان في مختلف المراحل لتحصيل موافقة السفر وتحويل المبالغ المالية وتسهيل أمره في دوائر شرطة الحدود، ولا نبالغ كثيراً إن قلنا إن معظم أفراد المجتمع، كل من موقعه، يهين إرادة الفرد الآخر ويستلبها.
لا ندري كم من أفراد المجتمع العراقي ـ من مثقف وعالم وفنان وجامعي وعسكري ورجل قضاء ولاهوت، تعرَّض لإهانات السلطة وممارساتها اللاأخلاقية واللاإنسانية. وكم منهم تعرض لمحن مشابهة لتلك التي تعرضنا لها، أو ما هو أشد منها. ولكن سؤالنا هو: كم من هؤلاء يمتلك الشجاعة المعنوية الكافية، ويكون صادقاً مع نفسه ويسجل ما تعرضت له عاطفته ووجدانه وإنسانيته من إهانة وعنف وإرهاب! أو كم من هؤلاء آثر إخفاء ذلك وكتمانه.
لا ننكر أن هناك من أقدم على هذه الخطوة، ولكن نعتقد أن ما تم نشره لحد الآن، أو ما نحن واعون به، لا يؤلف إلا القَدْر الضئيل لما يتعين تسجيله ونشره ليؤلف خزيناً مرجعياً فعالاً في تكوّن فكر سياسي عراقي معاصر.
نُفي في بداية الثمانينيات ما لا يقل عن مئة وخمسين ألف عائلة عراقية على دفعات متقاربة، من أطفال ونساء ورجال، ورُموا على الحدود الإيرانية بعد أن تمت مصادرة أموالهم. ولا بدّ من أن بينهم الكثير من المفكرين والمثقفين والمتعلمين من هؤلاء المبعَدين. ولكننا لم نسمع عن تسجيل المحن النفسية والمعنوية والمادية التي تعرَّضوا لها هم والآلاف من أمثالهم، لا على صيغ روايات أو مسرحيات، ولا على شكل تحليل سياسي موضوعي، ولا حتى على شكل تدوين محنهم ومآسيهم. وبدلاً من ذلك، أقدم البعض منهم على تأسيس مراكز وتجمعات في المنفى، كملاجئ يرجعون إليها لتطمين الذات مسخِّرين طقوساً لاهوتية، بهدف سلوى نفسية غيبية. إننا لا نشك في أن هذه التجمعات تؤمّن السلوى النفسية، وحتى الاطمئنان الخلاصي، إلا أنها لا تؤلف ممارسات تؤمّن تأسيس مرجعية موضوعية عقلانية سياسية. بل العكس، قد تكون معوّقة لذلك.
نعتقد أنه ما لم يُقْدم الفكر العراقي ويكوّن بدقة وشجاعة وصدق وأمانة خزيناً معرفياً موضوعياً لتاريخه، ويقف من الأحداث ناقداً، فإنه لن يستطيع تهيئة الفكر المهيَّأ لإحداث النقلة نحو مجتمع معاصر، وسيبقى معوَّقاً ومثبَطاً ومستلَب الإرادة، متنقلاً من حكم سلطوي إلى آخر، أقل أو أكثر سطوة.
لم نُقْدم على تحريك كلمة الظلمة التي جاءت في عنوان الكتاب، فيمكن أن تقرأ بدلالة معنيين: الظَّلم: الليل شديد الظّلام وظَلِمَ، أظلم الليل واسودّ، الظُّلْمة: ذهاب النور، بينما دلالة الظُّلـم: ظلَم، هي عدم الإنصاف، وانتقاص الحق، والجَور.
فالظُّلمة هي دلالة على سلطوية النظام وانتقاص حق الفرد، مما يجعل معيش أفراد المجتمع ظُلمة، شديدة العتمة والبؤس. لذا، يتداخل المعنيان في تكملة متممة، فدلالتهما هي ظُلمة السلطة وعتمة الحياة.
رفعة الجادرجي
آذار 2001



الفصل الأول




ظلمة في الوجود


كنا نسافر - رفعة وأنا - في رحلات لزيارة المناطق الأثرية في العالم. كانت آخر رحلة لنا زيارتنا أفغانستان، في خريف عام 1978. لعلنا كنا من بين آخر الوفود الأجنبية التي زارت أفغانستان قبل اح

  • Univers Univers
  • Ebooks Ebooks
  • Livres audio Livres audio
  • Presse Presse
  • Podcasts Podcasts
  • BD BD
  • Documents Documents