المدينة الملونة
256 pages
Arabic

Vous pourrez modifier la taille du texte de cet ouvrage

Découvre YouScribe en t'inscrivant gratuitement

Je m'inscris

المدينة الملونة , livre ebook

-

Découvre YouScribe en t'inscrivant gratuitement

Je m'inscris
Obtenez un accès à la bibliothèque pour le consulter en ligne
En savoir plus
256 pages
Arabic

Vous pourrez modifier la taille du texte de cet ouvrage

Obtenez un accès à la bibliothèque pour le consulter en ligne
En savoir plus

Description

عرفت جيداً أن بيروت ليست المدينة التي تنام باكراً مع العصافير، وأن ليلها أجمل ما تعد به سكانها وعشاقها في مختلف الفصول. غير أني نسيت، وأنا أتجول وسط دمار ساحة البرج، ما حفظتُ من تبجيل لبيروت حين استرجعنا تفاصيل حياتنا فيها... وحين واجهت الدمار العبثي إثر الحرب الأهلية الثانية، انهارت داخل نفسي الأساطير التي حيكت حول لبنان فاقتنعت بأنه كان يقوم على أسس واهية لم تصمد عندما عصفت به، وببيروت، رياح الأزمات العاتية.+++ ... وها قد مضى ربع قرن وما زالت آثار الحرب المجنونة تلك تتفاعل فتعيش مع ناس وأزمنة وذاكرة هذا الوطن وهذه المدينة المنذورة لتعيد بعثها بعد كل حرب، وبعد كل موت...

Sujets

Informations

Publié par
Date de parution 01 janvier 2006
Nombre de lectures 0
EAN13 9786144252512
Langue Arabic

Informations légales : prix de location à la page 0,0000€. Cette information est donnée uniquement à titre indicatif conformément à la législation en vigueur.

Extrait

هذا الكتاب مُجازٌ لمتعتك الشخصية فقط. لا يمكن إعادة بيعه أو إعطاؤه لأشخاصٍ آخرين. إذا كنت مهتمّاً بمشاركة هذا الكتاب مع شخصٍ آخر، فالرجاء شراء نسخة إضافيّة لكل شخص. وإذا كنتَ تقرأ هذا الكتاب ولم تشتره، أو إذا لم يُشترَ لاستخدامك الشخصي، فالرجاء شراء نسختك الخاصّة. شكراً لك لاحترامك عمل المؤلّف الشاق.
© حليم بركات، 2006، 2011
جميع الحقوق محفوظة
الطبعة الورقية الأولى، 2006
الطبعة الإلكترونية، 2011
ISBN-978-614-425-251-2
دار الساقي
بناية النور، شارع العويني، فردان، بيروت. ص.ب.: 5342/113. الرمز البريدي: 6114 - 2033
هاتف: 866442 1 961، فاكس: 866443 1 961
e-mail: info@daralsaqi.com
يمكنكم شراء كتبنا عبر موقعنا الإلكتروني
www.daralsaqi.com



الجـزء الأول: استكشاف المدينة من خلال دمارها: (في الربع الأخير من القرن العشرين وبدايات قرن جديد)
الجـزء الأول: استكشاف المدينة من خلال دمارها: (في الربع الأخير من القرن العشرين وبدايات قرن جديد)



صفحة جديدة
في يوم من ذات الأيام دخل صيادٌ كهفاً من كهوف الجبل ووجد فيه خلية نحل مليئة بالعسل فجمع شيئاً من ذلك العسل في قربة كانت معه ثم حملها على كتفه وأتى بها المدينة ومعه كلب صيد كان عزيزاً عليه، فوقف الصياد على دكان زيات وعرض عليه العسل فاشتراه صاحب الدكان، ثم فتح القربة وأخرج منها العسل لينظره فقطرت من القربة قطرة عسل فاجتمع عليها ذباب فسقط عليه الطير. وكان للزيات قط فوثب على الطير فرأه كلب الصياد فوثب على القط فقتله، فوثب الزيات على كلب الصياد فقتله، فوثب الصياد على الزيات فقتله. وكان للصياد قرية وللزيات قرية فلما سمعوا تلك الأخبار أخذوا أسلحتهم وأقاموا على بعضهم غضبى والتقى الصفان فلم يزل السيف دائراً بينهم إلى ان مات منهم خلق كثير لا يعلم عددهم إلا الله تعالى
ألف ليلة وليلة (الليلة 582)



1 ـ زمن الولادة الجديدة
1 ـ زمن الولادة الجديدة
حرصت على العودة سنوياً من المهجر إلى بيروت خلال الربع الأخير من القرن العشرين مما اتاح لي التأمل في الدمار الذي أصابها وسعيها لولادة جديدة من رمادها للمرة الثانية بعد الاستقلال. ووجدتني أيضاً، من حيث لا أدري، استعيد ماضيها في منتصف القرن وهو زمن فتوتي فخضتُ أحاديث ممتعة ومثيرة مع نفسي والآخرين، وكثيراً ما تحوّلت هذه الأحاديث إلى نقاشات حامية فقلت لنفسي مرة بعد أن تجوّلت وسط الدمار مع حبيبتي رؤى وصديقي عادل كما لو أتكلم مع شخص آخر هو غيري: أنتَ يا نادر الكفروني لا تعرف هل دخلتَ بيروت من بوابة ألف ليلة وليلة أم دخلتَ عالم حكايات ألف ليلة وليلة من بوابة بيروت؟ وأهم من هذا هل أردتَ أن تسجّل سيرة شبابك أنتَ أم سيرتَها هي؟
وفي محاولة يائسة للاجابة على تساؤلي بأنني ربما أحاول من موقع نهاية القرن العشرين، وبفعل تقدّم العمر، أن أتذكر أيام الصبى وأتساءل سرّاً وعلناً هل أصرّ على الاحتفاظ بنشاطي كما تمعن بيروت نفسها باستعادة ازدهارها. وصدف أن كان صباي في منتصف القرن أقرب إلى صباها هي أيضاً. وها أنا ما أن أستكشف بعض أحداث الماضي من خلال علاقاتنا الحميمة حتى تستيقظ ذكرياتي الشخصية والعامة متشابكة، متوهِّجة، غامضة.
عَرِفْتُ جيداً أن بيروت ليست المدينة التي تنام باكراً مع العصافير، وأن ليلها أجمل ما تَعِدُ فيه سكانها في مختلف الفصول فكثيراً ما سهرنا معاً مراراً عديدة كل اسبوع إلى أوقات متأخرة دون احساس بالتعب أو الملل والنعاس. ولتولّعي بها وبفنون الرواية والشعر لم يكن من الغريب أنني حفظت مؤخراً بعض ما قال بها الشعراء فردّدت ُفي أمسيات حافلة مع نزارقباني أن بيروت عشتار وحقل لؤلؤ وميناء عشق وقصيدة وردٍ لم يوجد قبلها وبعدها ومثلها شيء، ومع محمود درويش أنها تفاحة للبحر نأتي إليها كي نأتي إليها، وثم مع أدونيس:
أنها جسدٌ ولبانٌ ومسكٌ
فأرّخْ هذا الزمان باسم هذا المكان.
غير أني نسيتُ، وأنا اتجوّل وسط دمار ساحة البرج، ما حفظتُ من تبجيل لبيروت حين استرجعنا تفاصيل حياتنا فيها. تردّد أنها كانت مركزاً ثقافياً ومالياً في الخمسينات، ولكنه تبيّن لنا أنها في واقع الأمر لم تكن تملك ثقافتها كما لم تملك بنوكها فاصبحتْ وسيطاً وأقامتْ علاقات إنما ليس مع نفسها بل مع غيرها. يؤسفني أنها أرادتْ ان تكون غيرها بالتخلي عما يراه البعض جوهرها، وليس من الغريب أن هناك البعض الآخر الذي يرى أن جوهرها لا جوهر له. وحين واجهتُ الدمار العبثي إثر الحرب الأهلية الثانية بعد الاستقلال، أنهارت داخل نفسي الأساطير التي حيكتْ حول البلد فأقتنعتُ أنه كان يقوم على أسس واهية لم تصمد عندما عصفت بها رياح الأزمات العاتية. وعادتْ بي الذاكرة إلى ان غسان تويني كتب قبل اندلاع هذه الحرب بحوالي سنتين ان حديث الازدهار اللبناني مؤلم ليس فقط للفقراء بل كذلك لمجموعة اللبنانيين فالمليارات المودعة في المصارف تذكّر الشعب بحكاية الحمار المحمّل ذهباً في مشوار طويل. وربما نسيتُ أنني قبل سبع سنوات من اندلاع الحرب كنت قد كتبتُ شخصياً في صحيفة النهار أن «اللبناني مغترب سياسياً في بلاده: يقف في الماء ولا يرتوي وفوقه شجرة لا يطال ثمارها»، وأن لبنان «سيظل مجتمعاً فسيفسائياً... مهدّداً في جذوره» إن لم «يُستبدَل النظام الطائفي بنظام علماني».
وها قد مضى ربع قرن وما تزال آثار الحرب تتفاعل فتعيش معنا وتقتات خبزنا، وكان أن تاقتْ نفسي لاستكشاف بيروت بعد انقطاع طويل فاستأنف علاقتي بأزقتها، أحيائها، أناسها، لهجاتها، لغاتها، رموزها، تصوراتها، أسرارها، طموحاتها القديمة والجديدة، إحباطاتها، روائحها، تعاملها مع البحر والجبل والشجر. إنني مسكون برغبة البحث، بالتنقيب، برؤية الصورة في شموليتها وما وراءها، وكيف تكوّنتْ ولماذا، وما كان فعلُ التاريخ بها هي التي تتغنّى بانجازاتها التاريخية في الوقت الذي ينتشر بينها تيار يُولع بتقليد تفاهات الحضارة الغربية أكثر من الانفتاح على تجاربها الإبداعية. وأكثر ما يؤلم في تصرف هؤلاء أنهم يحدّدون هويتهم بما يستوردون وليس بما ينجزون.
قرأتُ، تمهيداً للتعرف إلى أسباب الدمار وآثاره، أن بيروت كانت مدينة مسوّرة لها ثمانية أبواب تمتد من ساحة البرج إلى باب ادريس ومن باب ابو النصر إلى المرفأ، فبدت منعزلة عن ضواحيها البعيدة. ومن الأساطير التي اعتدنا الافتخار بها أن احد ملوك جبيل تزوّج امرأة تدعى بيروت بنى لها مدينة أسماها باسمها، ثم اهدتها إلى الإله نبتون، إله البحر، الذي جعلته شفيعها. وقيل أيضاً في الأساطير أن شفيعها كان مار جرجس الذي حاول عبثاً أنقاذها من التنين. أما انا فاقول أن التنين ما زال يهدّدها، وانها ولدت نتيجة لعلاقة عشق بين البر والبحر، وصحيح أن ابوابها واسوارها هُدِّمتْ، لكن كل جماعة من جماعاتها العديدة ظلّت تعيش ضمن اسوارها الوهمية وبواباتها الخفية المغلقة.
ولم أستغرب في نقاشاتي مع صديقي عادل أن بيروت تهدّمتْ واعيد بناؤها زمناً بعد زمن، إنما ليس بسبب الزلازل الأرضية فحسب كما يُقال. هناك أيضاً الزلازل الاجتماعية التي لا تذكرها كتب التاريخ المنشغلة بأخبار السلاطين والأمراء لا أخبار الشعب والمجتمع. ومهما كان، فإننا نتعرّف إليها من القول بأن الزلازل كثيراً ما كانت تسبقها وتتبعها أمواجٌ صاخبة ونار. وهذا هو في جوهر ما أختلفتُ حوله في نقاشاتي مع صديقي عادل الذي اتهمته أنه أصبح يفضّل التكيّف باسم العقلانية مع الواقع بدلاًً من المواجهة.
ومن أين لي ان اجابه عادل فقد بقي هو في بيروت طيلة الحرب الثانية وعانى من مختلف أوجاعها ومخاوفها. أما أنا فهاجرتُ، على أمل أن يكون رحيلي موقتاً، منذ ربع قرن بعد الجولات الأربع الأولى من الحرب الأهلية في صيف 1975، وعند بدايات دفن الأحلام الكبيرة والصغيرة دونما تمييز. ومن حيث لا أقصد وعلى عكس ما تمنّيتُ وبسبب ظروفي الخاصة طال الغياب في واشنطن ربع قرن تخلّلته زيارات سنوية قصيرة متقطعة إلى بيروت التي تربطني بها علاقة طقوسية بخيوط واهية لامرئية. وهكذا دون توقّعٍ أو تخطيطٍ، تحوّلت الهجرة الموقتة إلى هجرة دائمة فوجدتُ نفسي في المنفى لا أدري هل هو نفيٌ طوعي أو قسري. مهما كان، واظبتُ بودٍ على القيام بزيارات عابرة في زمن الحرب كما في زمن السلم العابر، وخفّف ذلك بعضَ الشيء من آلام المنفى.
وما زال جسدي يقشعر خوفاً حين أتذكّر انني عبرت مرة عند الغروب بسيارة الفولزواغن من رأس بيروت إلى جونيه مروراً بالكورنيش وعين المريسة والزيتونه والنورمنادي والعجمي والمرفأ، وكان ذلك في زمن إنتشار القناصين والقناصات. ولن أنسى أبداً حدثاً آخر لا يقلْ رعبا ً. ما أن هبطت بنا الطائرة مساء يوم في بيروت واستأجرنا تكسي عبرت بنا منطقة الضاحية إلى منزل أختي في الحَدث حتى بدأت معركة دام فيها تبادل الرصاص طيلة الليل فسألتني رؤى «جئتَ بي إلى بيروت للتخلّص مني يا ملعون؟»، فأجبتها ضاحكاً «هل يُعقل أن أضحّي بنفسي كي أتخلّص منك؟»
ولدى عودتنا مرة من المهجر والخوض في حديث عن سنوات المنفى، قلت لرؤى وعادل أنني أتوق لزيارة حلب ودمشق لأنعم بما أظنه أقرب ما يكون إلى ثقافة عربية أصيلة لكثرة ما تعبتْ نفسي بعد كل هذا الغياب مما يُسمّى حضارة غربية حديثة. إنبهرتُ بها في بداية تعرفي إليها، وما زلتُ أعترف بفضائلها. غير أنني بدأتُ أكتشف تدريجياً أن لها هي أيضاً مشكلاتها وأزماتها وتناقضاتها الداخلية المستعصية عدا أنها تسعى لاقامة امبراطورية للهيمنة على العالم. أما بيروت، مهما كانت أحوالها ومواقفي منها، فانني أجد نفسي أنجذب إلىها انجذاب الفراشة إلى الضوء. هي في ذهني المكان الخاص الذي يلتقي فيه القديم بالجديد ويتفاعلان معاً فتنشأ بينهما علاقة غريبة عجيبة لم أجد بعدُ إسماً مناسباً لها. ومهما قسوتُ في انتقادها، كأن أقول أنها ما تزال مخدوعة بالغرب وتميل إلى تقليده تقليداً أعمى في أزيائه الخارجية، أعترف ان لها فضلاً عليّ وقد نعمتُ فيها بحريات تتشابك حدودها بحدود الفوضى دون خوف عند الضرورة من توجيه الانتقادات إليها وجهاً لوجه. ولأسباب غامضة، أجد نفسي أتجوّل دون تصميم وتخطيط في أحيائها وشوارعها وأزقتها كما لو أُريد أن اكتشف أسرارها الخفية، وكثيراً ما توالدتْ في نفسي فجأة ودون توقّع ذكرياتٌ قديمة ظننتُ أنني نسيتها كلياً فاستقبلتُها بترحاب ودوّنتها في سجّل يومياتي.
ولكنني أعود بعد كلِّ زيارة مهما طالتْ أوقصرتْ إلى المنفى مرة أخرى وقد سيطر عليّّ شعور مؤلم فأقول لنفسي قبل غيري، غريبة علاقتي ببيروت ومتناقضة فتتسع المسافات النفسية بيني وبينها في فترات خاصة لدى قدومي إليها وتتلاشى كلياً في فترات أخرى كتلك التي تكون قد طال الغياب عنها. عند الافتراق أشعر انني أحبها أكثر مما تحبني، أو هكذا أظن في تلك اللحظات العابرة التي ابدو فيها أمام مرآة نفسي كما لو أنني ألجأ إلى محاولة فاشلة للتخفيف من أوجاع داخلية ومن إنتقاداتي كي أسوّغ هجرتي، ثم أعود لأحن إليها بعد أن يطول الغياب وأزداد تعلّقاً بها فأتساءل لماذا أُعاملها بلطفٍ بينما تعاملني بقسوة أم ترى العكس هو الصحيح؟
ومهما انجذبتُ إلى بيروت، لا أنكر انني انفر في عمق اعماقي من بعض تصرفاتها واتجاهاتها السقيمة المزيفة. احب بحرها، وهي تعاديه. احب الطبيعة، وهي تتعامل معها بشراسة. أولع بالاشجار وهي تقتلعها دون تردّد وتزرع الابنية الاسمنتيّة الشاهقة البشعة مكانها، وأعشق الطيور وهي مولعة بالصيد. ألومها لقسوتها وعدم قدرتها على التجدّد الحقيقي، وألوم نفسي انني ربما اتعامل معها كمحلِّل يركّز على مشكلاتها وأزماتها وليس كصديق يتقبّلها كما هي بلا قيود وشروط. أما أكثر ما أستاء منه في واقع الأمر فهو احساسي بانها تميل للتقليد أكثر من الابداع في علاقتها بالغرب فتنبهر بأزيائه فحسب وترفض الأسس التي اعتمدها في تحقيق انجازاته الكبرى. ثم أن هناك ظاهرة لا أعرف كيف التعامل معها، فيبدو لي أحياناً أن اليمين السياسي اللبناني يتعمد تقليد الغرب، وخاصة فرنسا

  • Univers Univers
  • Ebooks Ebooks
  • Livres audio Livres audio
  • Presse Presse
  • Podcasts Podcasts
  • BD BD
  • Documents Documents