يوم أشرقت الشمس من الغرب
99 pages
Arabic

Vous pourrez modifier la taille du texte de cet ouvrage

Découvre YouScribe en t'inscrivant gratuitement

Je m'inscris

يوم أشرقت الشمس من الغرب , livre ebook

-

Découvre YouScribe en t'inscrivant gratuitement

Je m'inscris
Obtenez un accès à la bibliothèque pour le consulter en ligne
En savoir plus
99 pages
Arabic

Vous pourrez modifier la taille du texte de cet ouvrage

Obtenez un accès à la bibliothèque pour le consulter en ligne
En savoir plus

Description

قرّر أن يروي تجربته في المعتقل... فكانت هذه الرواية. +++ نبيل الذي اعتقله الإسرائيليون وهو في سنّ المراهقة، راح يتخبّط بين العذاب والبعد عن الأهل والحرمان، وبين رغبته الطفولية في أن يكون "بطلاً". +++ من معتقل "أنصار" في جنوب لبنان إلى "عتليت" داخل إسرائيل، يكتشف نبيل "أبطاله" عن قرب: يتقاتلون من أجل نيل حبة زيتون إضافية، يشون بزملائهم على وقع سياط الاستجواب، يشتهون مندوبة الصليب الأحمر... لكنّهم في الوقت نفسه يتشاركون لحظات الإلفة والتضامن الذي يفرضه بؤس المصير المشترك. +++ إنها أكثر من رواية. هي شهادة حيّة كُتبت بنَفَس روائي.

Sujets

Informations

Publié par
Date de parution 01 janvier 2010
Nombre de lectures 8
EAN13 9786144251201
Langue Arabic

Informations légales : prix de location à la page 0,0450€. Cette information est donnée uniquement à titre indicatif conformément à la législation en vigueur.

Extrait

هذا الكتاب مُجازٌ لمتعتك الشخصية فقط. لا يمكن إعادة بيعه أو إعطاؤه لأشخاصٍ آخرين. إذا كنت مهتمّاً بمشاركة هذا الكتاب مع شخصٍ آخر، فالرجاء شراء نسخة إضافيّة لكل شخص. وإذا كنتَ تقرأ هذا الكتاب ولم تشتره، أو إذا لم يُشترَ لاستخدامك الشخصي، فالرجاء شراء نسختك الخاصّة. شكراً لك لاحترامك عمل المؤلّف الشاق.
إنها رواية. وإن حصل تطابق في بعض الأسماء، فهذا محض صدفة.
© نديم نجدي، 2010، 2011
جميع الحقوق محفوظة
الطبعة الورقية الأولى، 2010
الطبعة الإلكترونية، 2011
ISBN-978-614-425-120-1
دار الساقي
بناية النور، شارع العويني، فردان، بيروت. ص.ب.: 5342/113. الرمز البريدي: 6114 - 2033
هاتف: 866442 1 961، فاكس: 866443 1 961
e-mail: info@daralsaqi.com
يمكنكم شراء كتبنا عبر موقعنا الإلكتروني
www.daralsaqi.com



1
لم يكن يرى شيئاً عندما أقلته الشاحنة مع آخرين غيره إلى حيث لا يدري. فرؤوسهم محشوّة بأكياس سميكة منعتهم من تقدير وجهة السير، فتركت لهم مجال التخمين واسعاً. خمسة كانوا، ربّما ستة أو سبعة. لا يعرف. فهو لا يستطيع رؤية شيء، وهُمْ لم يُخْبروا بالمكان الذي تقرّر اعتقالهم فيه، ولا بالمدّة المتوجّبة لإصلاحهم بعدما اعتُبروا مخرّبين، وهذه صفة أطلقها الإسرائيليون في إخطارهم الناس، من أن ثمّة بينكم مخرّبين، يجب تسليمهم إلى جيش الدفاع الإسرائيلي فوراً، وإلاّ. وقد أَعذر من أَنذر.
الشاحنة تسير ببطء شديد. هكذا أحسّ نبيل عندما كانت يداه مكبّلتين تكبيلاً متيناً يشيع الإحساس ببطء الوقت وطوله، مثلما هي المسافة كذلك، أطول بما لا يقاس ممّا هي عليه حقيقةً، لو كنت في سيّارتك، أو تقطعها سيراً في ظروف طبيعية.
الهمس ممنوع، مثلما هو ممنوع التذمّر من الحال التي انتقلوا إليها، بعدما قذفوا بهم واحداً فواحداً إلى مقطورة الشاحنة بقوّة أفقدتهم الإحساس بأنفسهم. هذا قبل أن يستفيقوا على خدر أجسادهم المتألمة من وقع الرضوض واللطمات التي ما إن هدأ توتّرهم حتّى بدأوا يشعرون بها . فلم تمضِ ثوانٍ حتى أدرك نبيل أن الطراوة التي يسند إليها رأسه، ليست سوى حذاء، يبدو أن أحدهم خلعه وأضاعه في زحمة الأقدام.
مضت بهم الشاحنة إلى حيث يجب إفراغها، كيفما اتّفق، لإتمام مهمّة عسكري مأمور من سلطة عليا. وقد كانت رحلة آلام متّصلة، فإذا لم تكتم وجعك من شدّ الوثاق البلاستيكي حول يديك ورجليك، فقد تباغتك جزمة جندي بركلة أكثر إيلاماً ممّا أنت فيه. فما من سبيل إذاً، إلاّ أن تبتلع يأسك صابراً منتظراً، لعلّ الآتي أهون.
الجندي الجالس بالقرب من نبيل يتحدّث العربيّة بلكنة بدوي، يبدو أنه تعلّمها، لكي يوظفوه مترجماً في الجيش، فينقل إلى المعتقلين تعليمات الضابط المسؤول عن الدوريّة.
راح نبيل يستعيد اللحظات الأخيرة التي سبقت اعتقاله، لعل ذلك ينأى به عن مرارة جهله بمآل مصيره. وانصرف تفكيره إلى أمه: ماذا تفعل أمّي في هذه اللحظة؟ أما زالت تنتحب عليّ؟ هل أسقطت من حساباتها وجودي إلى المائدة؟ ماذا يدور في خلدها، إنْ فكرت في مستقبل العائلة، ما عداي؟ هل يعوّضها أشقائي التسعة، فقدان واحد منهم. أسئلة يبالغ المرء باختلاقها في مثل هذه الحال، لكي يخلق بنفسه سلوان التعاطف مع نفسه.
بقي مستغرقاً في تساؤلاته، إلى أنْ أيقظته فجأةً رائحة تفوح عادةً من زهر بساتين الليمون. وقد تناهى إلى أذنيه صراخ أطفال خرجوا وأهلهم للتنزّه في ظهيرة يوم ربيعي. هكذا أخذ يدرك أن الشاحنة تمضي على طريق ساحلي، تؤدي على الأرجح إلى معتقل «أنصار». وقوي ظنّه وهو يسمع أصوات فتية من على جانبَي الطريق، استطاع أن يميّز منها صوت فتاة تنادي أمّها وصوت صبي وهو يركل الكرة. كما أنّ رائحة اللحم المشوي التي عبقت في أنفه، تؤكد ظنّه. فقد جرت العادة أن تخرج العائلات في مثل هذه الأيام المشمسة للتنزّه في البراري، بعد زربة الشتاء الطويلة.
هل رآني أحد منهم فتعرّف إليّ؟ سأل نفسه بتوتّر ممزوج بالأسى وهو يتخيّل الناس تلهو وتأكل، كما لو أن شيئاً لم يحصل له، هو الذي كان يظنّ في صغره بأنه إذا مات فسيموت من أجله جميع البشر. وما إنْ كبر حتى صار يشكّك في نظرته الأنانية تلك، من غير أن ينأى بشكوكه عن الأهل والمقرّبين. وما إن تجاوز العاشرة، حتى أدرك حقيقة وجوده وحيداً في عالم لم يُخلَقْ لأجلنا، إنّما نحن خُلقنا من أجل دوّامته الأبدية. بقي شيء غامض لم يفهمه، ألا وهو سرّ تعلّق أمّه به على النحو الذي ظنّ بأنّها لن تعيش من بعده. على كلّ حال، شعر بحيويّة الاتّصال للمرّة الأولى، بعد أربعين يوماً من معاناة التحقيق معه في مراكز يتولّى فيها رجال المخابرات الاستنطاق والاستجواب، عبر أساليب تبدأ بعزل المعتقلين عن العالم الخارجي، ولا تنتهي بها. أراد أن يؤكد لنفسه أن ثمّة إمكاناً للعودة إلى حياته الطبيعية. وقد أفرحه هذا الاحتمال، ما دام ثمّة بصيص أمل متوافر للتعويض عمّا هو فيه، بعد مدّة، طالت أم قصُرت؛ لا همّ له الآن... إلاّ أنْ يبقى حيّاً، حتّى يحين موعد الفرج.
هكذا راح نبيل يسلّي نفسه من خلال تساؤلات، استرسل فيها خياله إلى حدود الهذيان. فاختلق لنفسه محادثة سريّة مع رفيقه محورها، كيف كان يجب أن يجيب عن أسئلة المحقّق الإسرائيلي، كيلا يقع في الفخّ، مؤنّباً إياه ومفسّراً له كيف أنّ اعترافه مجّاناً بالأسلحة المطمورة في «جلّ النجاصة»، هو سبب إصرار المحقّق على إطالة مدّة التحقيق، ليستنبش اعترافات أخرى، كان ممكناً تجنّبها.
إنْتَ... إنْتَ... إنْتَ مجنون؟ بهذه الكلمات توجّه الحارس إلى أحد المعتقلين، وقد اختاره من فرط تمعّنه بأدنى حركة تصدر عن الأسرى. فالحركة ممنوعة، والحكي ممنوع، والسكوت المريب هو أيضاً ممنوع. والأسير في هذه الحالة عليه أن يتلبس هيئة بائس، خائف وراضخ، والأفضل أن يستدر شفقة سجّانه. فهذا أسلوب مثالي، لكي يُعفى عنه.
إلى مَنْ يوجِّه هذا الاتّهام الذي يقترن عادةً بضربة قويّة من كعب بندقية؟ ساد صمت ملؤه التوجّس من أنْ يكون هو المعني، وتمنّى أنْ يكون لغيره... وفجأة، أحسّ نبيل بشيء من الارتياح، بعدما حُسم الأمر، وانقطع دابر توتّره، من جرّاء اختياره هو بالذات. رفع جندي الغطاء عن رأسه المهموم كان بحالة انتظار، أصعب من كل ما يمكن أنْ يليها، وصاح فيه: بماذا تهمس؟ هل تتحدّث مع نفسك أم تخاطب هذا؟ وأشار بإصبعه إلى أسير آخر كان يرتعد خوفاً من أنْ يكون هو المقصود «بالهذا». أحسّ نبيل من نظرات الجندي النارية بوخز ما قبل الضربة ينخر مفاصله، فتخدّر جسده وتهيّأ لاحتواء لطمة واقعة لا محالة. وبحدس فائق، شعر بأنّه قادر على استغلال مهانة ضَرْبه المحتّم، ليظهر شيئاً من الإباء والرفعة، علّه يعوّض بؤس ما سيتعرّض له. وكان الدفاع عن الشخص الآخر سبيلاً لإبراز سموّ غيرته، فردّ بلهجة قاطعة:
ـ لا شأن لي به، فأنا لا أعرفه أبداً، كنت فقط أتكلم مع نفسي.
ـ أأنت مجنون؟
كرّرها الجندي بسخرية امرئ مقتدر على تأجيل ما لا مناص منه. ليست القططة وحدها هي التي تلتذّ بملاعبة الفريسة-الضحية، قبل أن تلتهمها. فالبشر هم أيضاً يعبثون بضعف من لا حول له ولا قوّة. إنْ كان هذا يسمح لهم بقتل الوقت، فكيف الحال مع جندي أضناه الملل من رتابة الالتزام بورديّته. فالحارس يقف سبع ساعات متتالية لمراقبة المجهول، ولا يعرف من أين سيأتيه الرصاص، ولا مكمن المتفجّرة المحتملة التي يزرعها عادةً مقاومون متوقّعون على الطرق. وبين الملل من اللاشيء، وانتظار الشيء الرهيب في الحرب، تفهم معنى الجحيم هذه التي زجّ في أتونها شباب، تُحبّ وترغب. والإسرائيليون هم أيضاً شباب، ينجذبون إلى الفتيات ويعجبون بجمالهنّ، ويحزنون لموتاهم، ويفرحون كما نفرح، ويُصابون بالاكتئاب، ويعانون لدى رحيل الأحبة... وهذا ما لم يكن يتوقّعه نبيل يوماً، أنْ يراهم بشراً مثلنا، بعدما مسختهم الحكايا والأحاديث الشفوية مجرّد حيوانات لا تعرف الشفقة، ومتوحشين لا رحمة لديهم. كان الإسرائيلي لا شكل له في تصوّرنا، إلاّ وهو على دبابة تقتحم بيوت العزّل من المدنيين، وهو في المخيّلة الجماعيّة للعرب على هيئة لا تتلاءم إلا مع صورة مصّاصي الدماء. غير أن هذا كلّه لم يأتِ من فراغ، فالقصف الوحشي للطيران الإسرائيلي، واقتحام بيوت الأبرياء، وقنص فلاح يزرع أرضه وخطف مزارع من حقله، كلّها صور اقترنت في ذهن نبيل بصورة رئيسهم الأعور. فأنْ يسمع طفل عن الفظائع اليومية، ويشاهد عقبها وزير دفاعهم «موشي دايان» على شاشات التلفاز يلفّ رأسه بعصابة قرصان جلدية، ليغطي بها التجويف الفارغ من إحدى عينيه، لمنظر مخيف بالطبع، لارتباطه بالمحشو في مخيّلة الجنوبيين عن شرّ أعور الدجّال في الحكايا الشعبية التي استحالت من مقدّسات إيمانهم الدينيّ، ولربّما تقصّدها هذا الوزير الذي دمغ بشكله المرعب صورة كلّ الإسرائيليين لدى نبيل ولدى مجايليه.
ـ بماذا كنت تحدّث نفسك يا أبله، هل تناجي رحمة ربّك يا حيوان؟ أمْ تشتمني؟ لعلّك تشتمه وتكفر به هو، لأنّه لم يستجب دعاءك الفارغ يا ابن العاهرة.
سكت نبيل على وقع الشتائم المرفقة مع افتراضات جندي باغته بأسئلة مفاجئة عمّا يدور في سرّه. ولأنّ الإجابة، كلّ إجابة، لا تجنّبه دفع ثمن تمتماته الممنوعة، قرّر إخراج نفسه من هذه الورطة بالسرعة الممكنة. وفكّر في افتعال استفزاز غير متوقّع، لكي يطيح هذه اللعبة المقيتة له، والمسلّية لجندي يلهو بضعف نبيل. ولكي يستعجل الخاتمة البائسة، تفوّه باعتراف خطير.
ـ خلّصني بقى، نعم شتمتك وشتمت أباك وأمّك وأختك و... وقبل أن ينهي انهال عليه الجندي بالضرب، لأنّه تجرّأ على المجاهرة لا بما كان يجب عليه أن يخفيه فحسب، بل لأنّه عكّر على الجندي صفو استئناسه بحوار أمتعه انعدام التكافؤ فيه. ولأنّ ذلك فوق طاقة نبيل على التحمّل، قرّر مواجهة الجندي بالسبل المتاحة لأسير لا يملك إلاّ ضعفه، وليس له من حقّ سوى المبادرة في تحديد لحظة جلده فاستعجل ما لا بدّ منه، لئلا يعاني من عذابات انتظاره.
تباطأ سير الشاحنة، قبل أن تقف عند حاجز تفتيش، يبدو أنّه كان على مدخل المعتقل الممتدّ على مساحة واسعة من هكتارات زراعية اقتطعها الإسرائيليون، وأحاطوها بساتر ترابيّ يبلغ ارتفاعه نحو أربعة أمتار، قبل أن يلفّوها بأسلاك حديدية مكهربة، لضمان ما يحفظ أمن منطقة محظور الاقتراب منها. فالقواعد العسكرية المطلّة على الأودية المحيطة بمعتقل أنصار، تسدّ منافذ التسلّل والدنوّ من محيط المعسكرات التي أحيطت هي أيضاً بأسوار ترابية وارتفعت على جانبيها أسلاك شائكة باتت من فرط كثافتها جزءاً من المشهد اليومي للأسرى القابعين خلفها. سمع نبيل والآخرون صدى وشوشات جهاز اللاسلكي المتّصل عادةً بمحادثة مفترضة بين نقطة الانطلاق ونقطة الوصول، فأدركوا أنهم دخلوا نطاق مرحلة جديدة لا يعرفون عنها شيئاً. بعد ذلك انطلقت الشاحنة مرةً ثانية إلى أن استقرّت في مكان ما يبعد قرابة خمس دقائق عن الحاجز نفسه. بعدما أطفأ السائق المحرّك تناهت إلى مسامعهم أصوات تنمّ نبراتها الواثقة عن أنّها لأهل البيت من الجنود المتمركزين هنا في هذا الموقع. عرفوا في ما بعد أنّهم أضحوا في عهدة تشكيلة عسكرية جديدة تُسمّى «الشرطة العسكرية»، وهي وحدة تُعنى عادةً بشؤون الانضباط العسكري في الجيوش النظامية. كان معظم أفراد هذه الوحدة في معتقل أنصار من «عرب الداخل» يتكلّمون العربية بطلاقة تبعث على الريبة من المفارقة القائمة بين لسانهم العربي وزيّهم الإسرائيلي، وهم الأكثر شراسة في التعامل مع الوافدين الجُدد إلى المعتقل. لم يكن اعتباطياً تكليف هؤلاء الجنود مهمّة الاستقبال، ولعلّ الخطة تقضي بأنْ يتلقّى الأسرى درساً استباقياً عمّا يمكن أن يواجهوه إذا ما فكّر أحدهم في التمرد على سلطة المعتقل.
وكان أوّل الغيث أنْ صعد ثلاثة منهم إلى الشاحنة، وأفرغوا كل ما في جعبتهم من غلاظة وقسوة. فبعدما أوسعوا المعتقلين ضرباً بالأيدي والهراوات ورفساً ولكماً، أخذوا يرمونهم من الشاحنة كما لو أنّهم أكياس خردة، يمسك جندي يدَي أحدهم وآخر رجليه ويمرجحانه

  • Univers Univers
  • Ebooks Ebooks
  • Livres audio Livres audio
  • Presse Presse
  • Podcasts Podcasts
  • BD BD
  • Documents Documents